واقعنا فى محرقه غزه

واقعنا في محرقة غزة .. أين الخلل وما المخرج ؟!!

أمسكت بالقلم لكي أكتب عما يحدث في غزة ، ثم وجدت نفسي غير طائعة للكتابة ، وهي تقول ماذا عساك أن تكتب ، وقد كتب كل شيء حدث ويحدث في هذه الحادثة وما شابهها من حوادث ، في صحائف أعمال البشر : ( يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَة ٌ) ، فلا ينفع شجب ولا تبرير ، ولا مزايدات ، ولا تبادل الاتهامات ولا غيرها من الكلمات التي حواها قاموس الألفاظ المتخاذلة التي بات يستخدم مع كل فاجعة نفجع بها في بلاد المسلمين .

ماذا أكتب وماذا أقول ، ونحن نعيش حقاً في وقت كثرت فيه الفتن وتعددت أنواعها، وتنوعت أشكالها، فأُصِيبَ كثير من الناس بضعف في العقيدة، وانحطاط في الخلق، وظهر التعصب للقومية والجنس والنسب ، والاختلاف في أصول الدين وفروعه ، وكثر إرجاف المرجفين ، والابتعاد عن تعاليم الدين ، والتعلق بظواهر تنسب إلى الإسلام وليست منه في شيء ، والاستغناء بالابتداع عن الاتباع ، مع تتابع الويلات والنكبات من كل حدب وصوب على أهل الإسلام من قِبل الكفار على اختلاف مللهم ، ورحم الله الشيخ الألباني حين قال : " فنحن اليوم في زمن وصل فيه المسلمون إلى حَدٍّ -لا يمكن أن يصل إلى أسوأ منه مسلم يؤمن بالله ورسوله - من الذل والاستعباد من الآخرين". لكن على مر العصور حدث للمسلمين أحداث ومواقف تشبه ما نحن فيه اليوم ، وهنا وجدت ما قاله الإمام القرطبي- المتوفى سنة (671هـ) - صاحب التفسير المعروف وهو يصف عصره : " فهذه أسباب النصر وشروطه وهي معدومة عندنا غير موجودة فينا ، فإنا لله وإنا إليه راجعون على ما أصابنا وحلَّ بنا ! بل لم يبق من الإسلام إلا ذكره، ولا من الدين إلا رسمه لظهور الفساد ولكثرة الطغيان وقلة الرشاد حتى استولى العدو شرقًا وغربًا برًا وبحرًا ، وعمت الفتن وعظمت المحن ولا عاصم إلا من رحم". والسبب في ضعف المسلمين وتخاذلهم يرجع دائماً إلى أمر واحد هو التخلي عن طاعة الله عز وجل ، وتحكيم شرعه والاستسلام لأمره ، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله : " سَلَّط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم " .

وهنا أجد من الضرورة أن أذكر بعض النصائح من أهل العلم في مثل هذه المواقف ، وأخص ما قاله العلامة عبد الرحمن بن سعدي المتوفى سنة(1376هـ) حيث قال : " فأهل الحل والعقد والرياسة من الملوك والأمراء والوزراء ورجال الدول الإسلامية عليهم أن يسعوا أحث السعي لتحصيل القوتين : القوة المعنوية والقوة المادية ، وذلك بالسعي لإزالة الموانع والحواجز التي حالت بين المسلمين وبين اتفاقهم واجتماع كلمتهم ، وأن يفهموا العوامل التي فرقتهم والأغراض المتباينة التي شتتهم ، وأن الأيدي الأجنبية تتوسل بذلك لتحصيل أغراضها، فمتى فهموها وعملوا على إزالتها بجد واجتهاد فلهم نصيب وافر من الجهاد في سبيل الله .

وعلى أهل العلم من بيان فضل الجهاد ووجوبه ، وتبيين منافعه الضرورية ، وحض الناس عليه ، والوعظ العام والخاص ، أعظم مما على غيرهم وعليهم أن يبينوا للناس أن جميع حركاتهم وأقوالهم وأفعالهم ونفقاتهم المقوية للدين المعينة للمسلمين في دفع اعتداء المعتدى ، كل ذلك ، داخل في الجهاد في سبيل الله ؛ فمتى عرف المؤمنون موضوع الجهاد ، وأنه اسمٌ جامع لسلوك كل سبب ووسيلة في إعلاء كلمة الدين ، وفي مقاومة الأعداء والحذر والتحرز منهم، نشطوا للقيام به وأخلصوا لله فيه والعمل الخالص نفعه كبير، وأجره عظيم.

وكذلك يجب على كل فرد من أفراد المسلمين أن يبدي مجهوده في نصر المسلمين بما يقدر عليه من قول وفعل ودعاية وحض لإخوانه عليه .

وكل أحد عليه من القيام بوظيفته الخاصة ما ليس على الآخر : فالملوك والأمراء وقواد الجيوش : عليهم من الواجبات بحسب مراتبهم ومقاماتهم ، والجيوش العاملة عليها النهوض بوظيفتها والتزام القوة والشجاعة والصبر؛ وعلى أهل الأموال بذل ما يحتاج المسلمون إليه في المنافع الكلية ، وعلى أهل الصنائع النصح والجد في تعليم الصناعات النافعة للجهاد ، فمتى قام كل أحد بوظيفته لم يزالوا في رقي وصعود في دينهم ودنياهم، وعزهم وشرفهم " .

ويقول أيضاً ابن تيمية : " ويجب على المسلمين أن يكونوا يداً واحدة على الكفار ، وأن يجتمعوا ويقاتلوا على طاعة الله ورسوله والجهاد في سبيله، ويدعوا المسلمين إلى ما كان عليه سلفهم الصالح من الصدق وحسن الأخلاق ، فإن هذا من أعظم أصول الإسلام وقواعد الإيمان التي بعث الله بها رسلَه ، وأنزل بها كتبَه ، وأمر عباده عمومًا بالاجتماع، ونهاهم عن التفرق والاختلاف ".

كما يجب التنبيه على أمر هام جداً وهو أن العاطفة والحماس والرغبة في قتال العدو لا تكفي كما قال ابن مسعود رضي الله عنه : " وكم من مريد للخير لن يصيبه " والأولى مراعاة حالة المسلمين وما هم عليه من ضعف أو قوة وفق الضوابط الشرعية ، وليس هذا جبنا ولا خورا فمراعاة الضعف أو التوازان أو التفوق الاستراتيجي من معاني فقه " العدة " في جانب الاستعداد والتخطيط .

إنها دعوة لمراجعة الذات .. ذكر البخاري في صحيحه تعليقاً قال أبو الدرداء : " إنما تقاتلون بأعمالكم " .. فالأعمال فاسدة والضعفاء مهملون والصبر قليل والاعتماد ضعيف والتقوى زائلة قال تعالى : " اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون " . وقال : "وعلى الله فتوكلوا " وقال : " إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون " وقال : " ولينصرن الله من ينصره " وقال : " إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله لعلكم تفلحون " فهذه أسباب النصر .

موضوع راااااااائع بمعنى الكلمة أشكرك على
التفاعل الرائع

يسلموو ع الموضوع

» واقعنا وواقع الصحابة